قدم طلبة قسم الفنون المسرحية في كليتنا عرضا مسرحيا بعنوان ( Game over) من تأليف واخراج الاستاذ (انس راهي ) مدرس مادة التقنيات. وحضر العرض المسرحي السيد عميد الكلية (أ.د.باسم الاعسم) المحترم والسادة رؤساء الاقسام واساتذة وطلبة الكلية مع مجموعة كبيرة من الضيوف الكرام والفنانين .واشارة مخرج العمل الاستاذ (انس راهي ) ان عرض مسرحية Game over من العروض التجريبة التي تعتمد بشكلها على لغة التقشف الباذخ في التقنيات وتعويضها بمعدات محدده قابلة بتطويعها الى تحولات معرفية وفنية حيث كان الاعتماد في هذه التجربة على تأثيث لوني شكلي وباسلوب مغاير عن العروض الاخرى فكان لمكان العرض فضاء مفتوح عامر بالاشجار والمكملات الاخرى لساحة الكلية دشن فيها كل مشهد حيوي بمادة خاصة وبشخصية مدروسة يجمعها الشخصية الرئيسية ( شابلن ) التي تدور في فلك اروقة الكلية لتعاين مجتمعية الممثل او الفنان وتؤكد حضوره الانساني ولم يختفي دور المرأة بل العكس قد اتضح جانب مهم هرمية المجمتع عليها وهي تؤكد حضورها .. كان للعبة التمثيلة جانب ولفلسة اللعبة على حياتنا اليوم جانب اهم حيث استخدم الرند بشخصياته والعاب الاكشن والمهرج والفضاءات التي باتت تشكل المفاجاة والدهشة بين الحين والاخر .. كل هذا كان امتدادا لفكرة اننا مجتمع يعيش حالات متنوعه وثقافات متعدد يجب احترامها والخوض فيها على وفق لعبة الحيا .. ولعبتنا هذه المره كانت افر من اجل ان تؤكد كل الافكار الانسانية بحضور شابلن. وفي نهاية العرض المسرحي عقدت جلسة نقدية من خلالها تم مناقشة ما تم طرحة في هذا العمل حيث ابدى الحاضرين إعجابهم بالعرض المسرحي والفكرة التي استخدمها المخرج وادوار الشخصيات .
علاء شعلان الصالحي
م/ شعبة الاعلام
المسرح الجامعي .. ضرورة تربوية وتعليمية
د.باسم الأعسم
كلية الفنون الجميلة
تشكل الخطابات الثقافية والفنية ضرورات تربوية وتعليمية ، وِبضمنها المسرح بوصفه خطاباً ثقافياً ومعرفياً ، ولما كان المسرح الجامعي نمطاً من الخطابات التي تحيا وسط بيئة كالمؤسسة الجامعية التي تعنى بالتربية والتعليم ، فلا مناص من انعاش هذا اللون من العلم الإنساني (المسرح) الذي يقف إلى جانب العلوم الصرفة في ضخ المزيد من المعارف والأفكار والرؤى باتجاه تحقيق البناء الأخلاقي والعلمي والتربوي السليم للأجيال .
ولقد أثبتت الوقائع أنّ المسرح من أكثر الفنون تأثيراً في نفوس المتلقين على تباين أذواقهم ، وثقافاتهم ، وانحداراتهم الطبقية بوصفه يعتمد على الاتصال الحيوي المباشر ، ومن ثم يتوفر على المتعة والتعليم إذا ما اتحف بنصوص درامية محكمة البناء ، تكرس موضوعاتها لهذا النوع المسرحي ، أي التصدي لمشكلات وتطلعات الطلبة والأساتذة وممن هم ضمن فضاء الجامعة ، مع أهمية الإنتفاح على الهموم والمشكلات الواقعية المعاصرة .
ولا يمكن للمسرح الجامعي أن تترسخ جذوره في المؤسسة الجامعية من دون توفر مخرجين مختصين يقنعون الآخر بصحة توجهاتهم ، ونبل رسالتهم ، وروعة عروضهم المسرحية ، لكي تتحقق أسمى مراتب الاستجابة الجمالية والوجدانية والفكرية مع الآخرين جمهوراً ومسؤولين ومتذوقين ونقاداً ومختصين .
ويتفرد المسرح الجامعي بخصائص مائزة تجعله مختلفاً في نواح كثيرة ، فضلاً عن جدواه الثقافي ، وفي ظل الدعم المالي الكبير الذي تقدمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى الجامعات بوصفها مؤسسات تعليمية وتربوية تعنى بإنتاج الفن ، والفكر ، والذوق ، والثقافة إلى جانب الأبحاث العلمية ، مما يستوجب الأمر تأهيل البنى التحتية الباعثة على النشاط الثقافي والفني بحيث يوازي ذلك الجوانب التعليمية والتربوية على حد سواء .
ومن ابرز هذه البنى التحتية ، بناء المسارح والمراكز الثقافية ، والقاعات التي تستخدم لأغراض شتى ، كيما تطوع لمقتضيات الفن والثقافة والأدب والعلم . في بعض الجامعات لا سيما حديثات النشأة يوجد فيها فنانون ، لكن دون مسارح ذات فرق فنية تتولى مهمة تقديم العروض المسرحية ، وهذه مشكلة بحد ذاتها ، تقف حائلاً دون تطور الحركة المسرحية في الجامعات ومنها : المسرح الجامعي الذي لا يقل أهمية عن سائر المسارح ، فهو مسرح نوعي وجمهوره خليط يكاد يكون متجانساً ، كما هو مسرح الطفل وهذا الأمر يسهل عملية التلقي المسرحي الباعثة على الاستجابة الجمالية والفكرية والوجدانية .
وتكاد تتلخص اشكالية المسرح الجامعي بشكل عام في ثلاثة عناصر وكالآتي :- ( انعدام البنى التحتية (بناء المسارح ) وشحة الكادر الفني وأزمة النص المسرحي ) .
في الجامعات التي فيها كليات للفنون الجميلة ، يقع العبء عليها في تقديم العروض المسرحية والمعارض التشكيلية ، والجلسات النقدية والمؤتمرات المسرحية ، وربما تقدم تلك الفعاليات ضمن كلية الفنون – حصرياً – من دون أن تأخذ مداها الواسع بحيث تقدم عروض المسرح الجامعي في سائر كليات الجامعة ، والتي ينبغي أن يكون فيها مسرحاً ، وفرقة مسرحية في كل كلية ، لكي يرتقي المسرح الجامعي ، مع يقيننا أنّ ما هو سائد ومتعارف عليه الآن ، هو عروض مسرحية وليست مسرحاً جامعياً ، بكل ما يعنيه هذا المصطلح من دلالة .
(1)
وهذه إشكالية لم تزل قائمة ، إذ أنّ أغلبية العروض المسرحية تقدم عبر المراكز الثقافية أو كليات الفنون في الجامعات أما الجامعة التي تفتقر إلى كلية للفنون الجميلة ، فيكاد النشاط المسرحي فيها يكون منعدماً .
وإلى جانب الإشكاليات الواردة في متن ورقتنا هذه ، تبرز لنا إشكالية اخرى تفوق الاخريات من حيث طبيعتها ، إذ لا يمكن للفن عامة ، والمسرح خاصة ، أن يزدهر في الجامعات ، ما لم يوجد من يؤمن بالفن كشكل حضاري والمسرح كوسيلة ثقافية ، وابداعية ، يمكن لها أن تلعب دوراً خطيراً في بث الوعي الفني والثقافي والمعرفي ، ومن ثم ازاحة القيم المتخلفة من عقول الطلبة وطرح بدائل عنها ذات طبيعة موضوعية .
ومصداقاً لهذا الرأي ، اسرد مثالاً واقعياً في جامعة القادسية وعقب السقوط مباشرة حينما انتخبت عميداً لكلية الآداب ، شرعت على الفور ببناء مسرح يستوعب (150) متفرجاً وقدمنا على خشبته عروضاً مسرحية في زمن لم يفكر احداً بالفن والثقافة والمسرح ، حيث التدهور الأمني .
ولا يمكن إدامة حركة المسرح الجامعي ، إذا لم تتوفر المسارح المناسبة فبالامكان توظيف الفضاءات المفتوحة ، وبضمنها المساحات الرياضية ، وواجهات الكليات ، والاقسام ، لا سيما وأن الأوقات الملائمة لتقديم العروض المسرحية في اشهر الصيف والربيع والخريف ، وربما يكون المسرح الصيفي بديلاً ناجحاً لمسرح العلبة ، أو المسرح المغلق .
وكذلك الازياء والإضاءة ؛ إذ يمكن الاخذ بنظرية المسرح الفقير، فالمهم هو الحدث مع المعالجة التي تسمو بالحدث ، لا سيما وأن الدراما منذ ارسطو تعنى بالحدث الذي يعبر عن السلوكيات المتضادة ، إذ أن الدراما وثيقة الصلة بالشخصية وسلوكها عبر الحوار بل (هي لغة السلوك وليست لغة السرد والاختلاف الجذري بين الدراما وسائر الاشكال الفنية هو انها الدراما تقوم على الحدث الذي يتم خلقه عن طريق الحوار على حد قول سمير سرحان ).
وبما أن المحيط الجامعي يعد منبعاً ثراً لأنواع السلوكيات المختلفة ، فهذا يوفر للدراما رصيداً مضمونياً هائلاً ، إذا ما توفر الكاتب المسرحي الماهر الذي يستوحي من ذلك المحيط موضوعات تتصل بحياة الأفراد الذين يمثلون شرائح الأساتذة والطلبة والموظفين على حد سواء ، كالموضوعات العلمية والثقافية والتربوية والأخلاقية .
فضلاً عن نقد الظواهر السلوكية الشائنة ، وبالامكان توظيف المسرح الجامعي لمسرحة المواد الدراسية وتقويمها ، لذلك (قام رجال الكنيسة في العصور الوسطى بدعم مسرحيات الاسرار والأخلاق كوسيلة لإدماج رسالة الكتاب المقدس ….. ولهذا السبب احتل النشاط المسرحي المدرسي مكاناً رئيساً في مناهج التعليم في عصر النهضة كما يرى جوليان هلتون ).
على وفق هذا المفهوم ، يمثل المسرح الجامعي ضرورة تربوية وتعليمية لا غنى عنها ، ويكتسب أهميته اكثر حينما يصار إلى تأسيس فرق مسرحية في جميع الكليات ، لكي يسهم هذا الكم في بناء نظام (الربرتوار) المسرحي أي توفير اعداد مسرحية تقدم على طول السنة الدراسية ، ومن ثم يصار الى اختيار عدداً من تلك العروض لتقدم ضمن موسم مسرحي مناسب ، كأن يكون في مناسبة يوم المسرح العالمي كمحفز لتعريف الآخرين بهذه المناسبة ولدعم الحركة المسرحية في فضاء الجامعة ، ومن ثم تعميق اواصر صلة الجامعة بالمجتمع عبر المسرح الجامعي ، إذ تشاد على وفق ذلك النشاط المسرحي اسمى تجليات العلاقة الثقافية بين الجامعة بوصفها صرحاً علمياً وثقافياً ، وبين المؤسسات التي تعنى بالشأن الثقافي وبضمنها منظمات المجتمع المدني ذات الصلة بالثقافة والفن .
(2)
على وفق ما تقدم نوصي بالآتي :
- بناء مسرح في كل كلية ليتسنى للمبدعين المسرحيين تقديم عروضهم المسرحية .
- تدريس مادة (المسرح الجامعي ) لدى طلبة السنة الاولى بقصد تثقيفهم ومن ثم حثهم على المشاركة في فرق المسرح الجامعي وتأهيلهم للقبول في كليات الفنون والتربية الفنية . .
- اعتماد المسرح الجامعي وسيلة لتطبيق المواد الدراسية وتجسيدها بشكل فني جذاب .
- تعيين مستشار ثقافي لكل رئيس جامعة يتولى مهمة الاشراف ودعم المسرح الجامعي .
- اصدار جريدة أو مجلة تعنى بشؤون المسرح الجامعي .
- اجراء مسابقة دورية لكتابة افضل النصوص المسرحية مع تخصيص جائزة مادية للفائزين .
- تبادل العروض المسرحية بين الجامعات لتعميق أواصر الصلة بينها .
- اقامة مهرجان مسرحي سنوي في يوم الجامعة أو يوم العلم .
الدكتور باسم الاعسم
كلية الفنون الجميلة – جامعة القادسية
الدغارة، حاضرة صغيرة مسترخية بين مكانين هما: الديوانية، حاضنة المضايف والشعراء والعنبر وشاي الكجرات، والنعمانية، حيث يرقد المتنبي هناك، وتغفو بين ثلاثة فضاءات: فضاء أرضي، يشكل فيه شط الدغارة علامة كبرى، وتتبعه أمكنة أخرى ضاجة بالدلالات الموحية، كالبساتين التي تحضن المضايف وما تختزنه في لا وعي الفرد الدغاري من ذكريات عطرة دونتها أناملنا بأقلام الرصاص على جذوع النخيل، أيام كنا طلاباً نفترش المكان (أرضية البساتين) ونحيله إلى طرقات متوازية أو متقاطعة وبحجم القدمين، ربما يقودنا احداها إلى (ناعور) يديره حصان رسم – هو الآخر- بحوافره حلقة ترابية دائرية تضللها أفياء شجرة التوت في بستان (عباس الحداد) الذي يلف مع البساتين الأخرى خاصرة المدينة.
في ما شغلت المضايف الشاخصة حيزاً في فضاءات المدينة، لمنظرها الجميل وثقلها الاجتماعي الجليل، إذ تتداخل فيها وعبرها، كل المفاهيم الدالة على الألفة والكرم والنبل والشهامة والضيافة، ولأنها بؤر الثورة والثوار، أستهدفها الانجليز، عندما وطأة سنابك خيولهم مدينتنا الآمنة، فاستفز هذا المشهد المقزز كرامة الناس وأنطلقت الجموع الغاضبة بزعامة الشيوخ ورجال الدين لتلقن المحتل دروساً بليغة في الشجاعة، وتهتف بعزيمة المنتصر وحماسة الثوار تلك الأهزوجة الخالدة: (عفرين ونص للدغارة)، إلى جانب المواقف الوطنية المشرفة لأبنائها.
وتشكل الدواوين المتوزعة على مساحة المدينة أمكنة أو فضاءات تشع بالحكمة والأحاديث الجميلة، وتحكي صور الرجال المعلقة على جدرانها هيبة الدواوين وحكمة الشيوخ، وذاكرة المدينة.
وضمن فضاؤها الأرضي، نجد ان الدغارة تقف مزهوة داخل مثلث آثاري قديم، أحد أضلاعه تمثله آثار تلال (أم الصلابيخ) أو أطلال (الصلنبة) السومرية التي زارها ذات مرة العلامة (طه باقر) والضلع الآخر (قلعة ذرب) والقصر الملكي في صدر الدغارة، وهما من ((أهم الحواضر التاريخية والسياحية في محافظة الديوانية.. القصر شيده الملك فيصل الأول في العشرينات من القرن الماضي في ناحية الدغارة بعد تشييده للجسر)) على حد قول الشاعر والصحفي عباس رضا الموسوي في جريدة الصباح، ذي العدد 717 في 6/ 2005.
أما (آثار نفر) فتمثل ضلعها الثالث، أطلال نيبور السومرية في حين يشكل الفضاء السماوي، الفضاء الثاني الذي يخيم بجلاله وجمال شمسه الساطعة ونجومه اللامعة على مدينتنا، فيمنحها بعداً لا نهائياً وفضاءاً رحباً تحلق عبره الطائرات القادمات من العواصم النائية، والناس فوق أسطح بيوتاتهم يتأملون حركتها، لاسيما في ليالي الصيف المقمرات.
وبهذا تكون حاضرتنا (الدغارة) مثل طائر يحلق عالياً في كبد السماء، لكن عيناه ترنو بعشق وحنين إلى باسقات النخيل والأحراش وأشجار الصفصاف المتراصة على ضفتي شط الدغارة، هذا الشط الذي قبَّل أرض حاضرتنا فأحياها من شهد فمه بعد جفاف عقيم في زمان لئيم، وطالما ارتوى الطير والناس من مائه الفراتي الزلال.
لذلك، ليس غريباً ان تكون الدغارة قاب قوسين أو أدنى اقتراباً من المدن المختلفة، مثلها، كنخلة شامخة جذورها غائرة في أعماق الطين الحري، وجذعها منحن بوداعة، ومن ثقل العثوق الذهبية المثمرة، يرسم ظلاً يستظل به صياد يحلم باصطياد سمكة (بنيَّة) أو عاشق راح يغازل أشجار الصفصاف التي تداعب وريقاتها خَدَّ الماء وتحولُ دون انطفاء الشموع السابحة في شط الدغارة، والتي نذرتها امرأة أوجع قلبها فقدان فلذة كبدها بسبب الحرب، فراحت تقدم النذور إلى صاحب الزمان (عج) عسى ان تسلم على ولدها الآخر (سلام) من نزوات تجار الحروب.
ونظراً لهدوء وجمال شط الدغارة، فقد اجتذب المطرب كاظم الساهر، الذي راح يعوم فيه ويغني أغنيته ذائعة الصيت: (عبرت الشط على مودك) مع كورس من محبي الغناء في المدينة.
في المساء حين تخبو كرة الشمس مستترة في الأفق البعيد، وتهجع الطيور في أعشاشها، وينسحب أبناء القرى مسرعين إلى بيوتاتهم المندسَّة بين البساتين، تغرق الدغارة في ظلام يلتحف به الحراس الليليون، وتختلط أصوات صفاراتهم مع كوكوة الديكة وعواء بنات آوى ونقيق الضفادع وبضعة من طيور الماء (الططوات) الباحثات عن المسطحات المائية الآمنة.
وتجتذب نسمات الليل العليلة، السهارى الجالسون على الجسر حتى الهزيع الأخير من الليل، قبيل أن تستفيق المدينة على صوت المؤذن (الحاج صادق أو فضالة وابو رسولي) والذي تتبعه بعد حين زقزقات العصافير الحالمة في الانعتاق من ظلمة الليل الحالكة، للانطلاق صوب الفضاءات الفسيحة، بحثاً عن حبات حنطة أو رز تناثرت أمام مخازن الطعام، كما هم العمال والكسبة الناشطون في انتزاع قوة عملهم اليومي عبر كدهم الجسدي المضني.
الفضاء الثقافي… علامة الدغارة الفارقة
ويستكمل الفضاء الثقافي جماليات المكان، بوصفه فضاءاً ثالثاً، تكتمل فيه صورة المشهد العام للمدينة، (الدغارة) التي غدت بحق، قلب الديوانية النابض والظهير الثقافي لها، إذ طالما وصفها شاعرها المعتق كزار حنتوش بأنها، أي الدغارة، في انتباهته المنشورة في جريدة الديوانية في العددين 2-16 نيسان 2006، بأنها (منجم إبداعي كبير في العراق، غريب امر هذه القرية.. المدينة الصغيرة فلقد أمدت الديوانية والعراق بطاقات إبداعية فريدة.. في المسرح د. ميمون الخالدي ورحيم ماجد.. وفي التشكيل د. عاصم عبد الأمير الاعسم وفي القصة زعيم الطائي وفي الشعر علي الشباني والراحل يعقوب جواد وكزار حنتوش وجابر حسن ومهدي حارث الغانمي وعلي شايع وفارس عدنان وعقيل حبيب وفي النقد د. باسم الاعسم وفي الكتابات والبحوث المترجمة راسم الاعسم ود. حاكم الزيادي).
ويرسم الشاعر علي الشباني صورة قلمية تجسد جماليات مدينته الصامدة بوجه الريح، إذ يقول: ((الدغارة.. هي وسع القلب والعالم.. أية قبضة هي الدغارة؟ كأنها لافتة ساكنة في الريح بعد مجاهدة دامية.. وكأنها قصيدة يكتبها شاعر قادم من تاريخ ما.. من أرض في الروح معشبة، لها شارع فرد كأنه ذراع أسمر منقوش عليه بحناء الألم كل الأحلام الأولى أيام الإنسان الفراتي العظيم.. لها فتية يقبضون على نبض الشعر في قلوبهم وخطواتهم ودمهم ويحدقون في البعيد)) كما ورد في مجموعة (شعراء من الدغارة)، ص5-6.
ومن فيض سفرها الثقافي الثر، كتب وأشعار ودواوين شعبية، وفصيحة، نثرية وعمودية، قديمة وحديثة، فثمة ديوان شعري بكر، وثقة الشاعر الراحل يعقوب جواد عنوانه (شعراء من الدغارة) ضم باقة عطرة من أبرز شعراء الدغارة وهم (كزار حنتوش، علي الشباني، يعقوب جواد، كفاح عبد الحمزة، جابر حسن، محمد ناصر الاعسم، حسين الشباني).
وهناك مجموعات شعرية منها: (الغابة الحمراء) و(أسعد إنسان في العالم) للشاعر كزار حنتوش و(للخريف التاسع والعشرين) للشاعر يعقوب جواد و(الغانميات) للشاعر د. مهدي حارث الغانمي و(اقترح الآن جسوراً) للشاعر جبار هادي الطائي و(الواقف على تلة الوهج) للشاعر جابر حسن الشباني وكتاب (الجميل والجليل في الدراما) للناقد د. باسم الاعسم و(الترادف في اللغة) للراحل د. حاكم مالك الزيادي و(جبل المجوهرات) للقاص راسم الاعسم، إلى جانب العشرات من الرسائل والاطاريح الجامعية لابناء المدينة وفي الاختصاصات المتنوعة.
وبعد… فالدغارة.. مدينة الإبداع والفنارات المضيئة.. بما أنجبته من شعراء وأدباء وفنانين وسراة قوم اجلاء كانت دواوينهم ولازالت عامرة بالجلساء والسامرين.. ومحط رحال الوافدين من خطباء وشعراء وغيرهم من الضيوف.. كما يروي الشاعر جابر حسن الشباني..
ويستطرد قائلاً: ((مر بها الحاج زاير الدويج، الشاعر الشعبي الشهير.. والشيخ أمانة محيي الدين والشاعر المرحوم الدكتور احمد الوائلي والخطيب عبد الزهرة الكعبي..- رحمهم الله- وكلهم ناموا على وسائد الضمائر النقية من أهل المدينة)).
وضمن الفضاء الثقافي للمدينة، فقد شهد مسرح مدرسة صلاح الدين في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تقديم عروض مسرحية اخرج بعضها الفنان رسول عبد الحسين إلى جانب قيامه بتصميم ديكورات المسرحيات وكذلك، الفنان جاسم الصافي الذي أخرج مسرحية (ضاعت من عمري سنة) عام 1952.
في ما تم في العقد السبعيني تأسيس جمعية الأدباء والفنانين وقد تولت انتاج العديد من العروض المسرحية (الفصيحة والشعبية) الهادفة وكانت اغلبيتها من اخراج الفنان ياسين لطيف مع بعض الاوبريتات الشعرية، وكانت على مستوى فني متقدم.
فضلاً عن العديد من العروض المسرحية التي كانت تقدم في فضاء ثانوية الدغارة والعروض الكوميدية المسائية، حيث كان الجمهور يحيط بالعروض بشكل دائري وفي الهواء الطلق.
ورحم الله اولئك الممثلين الفطريين الذين امتعوا الناس بأدوارهم الكوميدية الساخرة وفي مقدمتهم: حميد أبو تريبة، سايب كرز، نور السعودي، عباس الأخرس، محمد حسين النداف وسواهم.
وأما الشعراء الشعبيون فكثر، تغنت قصائدهم بالمدينة وجسرها والعراق العظيم (عطية آل دخيل، عبد الرضا آل رشيد، كاظم جوني، بدر لطيف، نعمة آل سعيد، شريف راضي، ثائر شريف، عباس جابر الأعسم، خالد صبري، عباس سلمان، كريم عبد الرضا النجار، ستار الزلزلي ، ابو احسان الهلالي، فراس الشباني، صالح العتابي).
ويعد تأسيس منتدى الدغارة الثقافي انعطافه نوعية في المسار الثقافي والأدبي للمدينة نفسها، إلى جانب رابطة الشعراء الشعبيين ومنتدى الحياة الثقافي.
جسر الدغارة… تايمز المدينة
مكانياً، ومذ كان جسراً خشبياً في عام 1925 يمثل جسر الدغارة ذروة معالم المدينة، ألهب حماسة الشعراء، واستفز مخيلة الكتاب، وعلقت عليه قصائد شاعر الجسر المنكوب يعقوب جواد الذي طال وايانا وقوفه على الجسر، فكانت قصيدته الموسومة (الوقوف على جسر الدغارة) تلخيصاً وافياً لمراراته وهيامه الأبدي بمدينته وجسرها العتيد، تلك القصيدة التي قالت بحقها الشاعرة رسمية محيبس زاير: ((من القصائد التي أدهشتني وكان لها وقع خاص في نفسي وأثر لا يمكن ان تمحوه الأيام) جريدة الديوانية، العدد (9) الاحد 17-8-2003.
ولأنه ليس جسراً تقليدياً – بالمعنى المجرد- ذلك، لارتباطه الوثيق بالوجدان الشعبي وبقرائح الشعراء، فله في أعماق اللاوعي الجمعي حكايات شتى، بعده علامة مهيمنةً في فضاء المدينة كما أشرنا إلى ذلك من قبل، وعليه فقد أمسى عقاراً صرفاً للجميع.
في بواكير القرن الماضي، كانت ثمة سفن تجارية صغيرة وقوارب محملة بالتمر والدهن الحر والمواشي والطيور تعوم من تحت الجسر المستند إلى (دوبات) تتحرك بحسب الحاجة وينفتح الجسر عند مرور السفن.. انه تايمز المدينة، ولنا ان نتخيل طبيعة وكثافة الجهد المبذول من قبل أولئك الرجال الذين شدوا على صدورهم تلك الحبال المتينة، وانطلقوا يجرون السفن موزعين على ضفتي الشط، حاملين امتعتهم معهم، يرددون الأغاني والأشعار ليبعدوا عنهم الملل والكلل، بسبب طول الطريق الممتدة من الدغارة إلى الحلة والبالغ (59) كيلو متراً، وكأن الأمر محض أسطورة، لكنه الواقع. ويذكرنا اولئك الرجال بأبطال الراوئي (حنا مينا)، لاسيما تلك التي تتحدث عن عمال البحر ومنها 0حكاية بحار غريق) وسواها.. ومن اولئك الرجال: (حاتم آل عزيز وجواد راجي وصالح مهدي وفضالة طريو وعبيد آل غبين) رحمهم الله.
وتذكرنا تلك السفن التجارية بقوافل الجمال الآتية من أطراف المدينة وحتى سوق الدغارة، محملة بأكداس الرقي والبطيخ وأنواع الخضر حتى وقت قريب.
مكانياً، طالما وظف جسر الدغارة بمثابة مسرح عائم وسط فضاء مفتوح على كل الاتجاهات، وتدار على جغرافيته تراجيديا وفاة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) في كل عام كما وقعت أحداثها على الجسر ببغداد، دونما تقنيات مستحدثة، فالإضاءة طبيعية مصدرها الشمس، والممثلون واقعيون، بلحمهم ودمهم، والتمثيل يحاكي الحدث (التاريخي والواقعي) على وفق وسائل وأدوات بيئية أقرب ما تكون إلى عروض المسرح الاغريقي والمسرح الطبيعي، أما الأدوار المسرحية، فموزعة بدقة وبراعة على الشخصيات، مع مراعاة هيئة الشخص ومؤهلاته، ولذلك، فان العنصر الايهامي قد كان طاغياً على العرض المسرحي، وهذه واحدة من فضائله وأهدافه.
ولم تزل الشخصيات التي مثلت تلك الأدوار الرئيسية ماثلة في ذاكرة الناس (سبع خطار الاعسم، ظاهر آل حبيب، سيد ديوان هادي، عبد الحسن عبد، سيد عبد طاهر..) رحمهم الله جميعاً.
وكان المخرج الفطري المرحوم (سيد رشيد تاج الدين) المؤمن ذو الوعي الفني والحساسية الدرامية والجمالية الهائلة، يقود هذه التراجيديا الإنسانية، مراعياً تحقيق أكبر قدر ممكن من التأثير الجمالي والعفوي في نفوس المتلقين، سواء في هذه المأساة المفجعة، أم في الكوميديات الإنسانية المهذبة، التي تتخذ من ولادة الأئمة الأطهار فرصة لتقديم مشاهد مسرحية سارة، مع قصائد شعرية ومقالب تمثيلية وسط تلك الساحة الدائرية المكتضة بالناس، في مقدمة الجسر، حيث تعيد إلى أذهاننا صورة مسرح الحلقة وكل أشكال الفرجة المسرحية، مع العروض المسرحية القادمة من الديوانية بقيادة الفنانين (هادي رديف، رحيم ماجد، رياض الشبلي، محسن الهادي) وآخرين.
وتروي للأجيال واقعة جسر الدغارة دروساً بليغة في شجاعة أهلها، عندما حاول بعض القادة الانجليز احتلال جسر الدغارة وقطع الطريق على الثوار والإحاطة بهم، عام 1936 قام الشيخ عبد الأمير آل شعلان بشد جسده بيشماغه كمثال على الشجاعة ومعه المرحوم (عبد الكاظم آل عطية وجبر جنو مطر) الذي اعتصم في (القلعة) على يسار الجسر، وراحوا يقاتلون القوات المحتلة، وأبلو فيها البلاء الحسن وأظهروا شجاعة فائقة في مقاتلة الانجليز، وايقاع الخسائر في صفوفهم، والمزيد من القتلى ومن الذين أصيبوا بشظايا الانجليز، المرحوم (صلال آل عطية) الذي أصابته قذيفة أطلقتها إحدى الطائرات، فتوفاه الأجل المحتوم والشخصية، قابعة في أحشائه.
لقد كان ولم يزل جسر الدغارة من الأمكنة الأثيرة التي يلتقي فيها الأحبة افراداً وجماعات، ممعنين النظر ملياً في الماء المنساب والرذاذ المتطاير الذي تبعثه موجات الشط المتدفقة، فالمأزوم، يجد في الوقوف على الجسر راحة له، وانفراجاً لأساريره، وكذا حال الولهان، بفعل شاعرية المكان وسحر اللحظات الذي يترجمه التمتع في التحديق باتجاه الأفق الرحب، حيث طيور الاوز السابحة بحرية والصبية الذين يقذفون بأجسادهم من فوق الجسر ومن بين فتحات سياجه، محلقين في الفضاء، كأنهم نوارس، يلعبون بمرح طفولي بريء، ويتقاذفون بقشور الرقي والكرات الملونة، فيما راحت شباك الصيد تمتد على طول سياج الجسر الأفقي، تفسر سعي الصيادين في اكتناز السمك الوفير.
لقد حمل جسر الدغارة على كتفيه جثامين أولئك الرجال الأفذاذ ومنهم أبرز شيوخ (الأكرع) (الحاج موجد آل شعلان وعبد الأمير آل شعلان) رحمهم الله، الذين رفعتهم أكف العشائر في تلك (العراضات) المكتضة بالرجال حملة بنادق البرنو ولعلعاتها الممزوجة بالأهازيج الحماسية التي تحكي خسارة المدينة وأسفها على رحيل أولئك الذين دافعوا عنها وعن جسرها: (ها أسمع شتكول أم عامر.. هذا الخيَّم عالصوبين).
ولم أنس ذلك الصباح القارص الذي كنت فيه منشغلاً بقراءة رواية (وليم فوكنر) الموسومة (نور في آب)، واذا بالعساكر تطوق سوق المدينة، بحثاً عن الجنود الهاربين من جحيم الحرب، ومشهد ذلك الجندي الذي فر مسرعاً ورمى بنفسه في الشط وغطس للحظات طوال، والجنود قد صوبوا بنادقهم باتجاه الماء، عسى ان يخرج ويصطادوه، لكنه اختفى تحت الجسر ومكث ساعات حرجات، وحين ذهب الجند خرج الجندي وراح يقبِّل الجسر الذي لولاه لأصبح في خبر كان.
وليس ثمة مشهد طبيعي أم مصطنع يعادل في جماله، روعة ذلك المنظر اليومي الذي يمثله مشهد غروب الشمس، بالنسبة للواقف على جسر الدغارة في لحظات الأصيل، حيث تنعكس صورة المغيب على سطح الماء المنساب، وترسم خيوط الشمس الغاربة ظلالها على الأشجار المتراصفة على جانبي النهر، إذ يبدو المنظر، كما لو كان لوحة زيتية من إحدى لوحات الفنان العالمي (ريمبرانت) المشبعة بالظل والضوء.
ان هذا المشهد يعلن مقدم الليل، حيث يحلو السهر على جسر الدغارة، وتتوالى الأحاديث العابقة بشذى الألفة والمحبة المعطرة برائحة الشاي المهيل في مقهى العم (عفجاوي) على يسار الجسر، والذي، لم يعد لها وجود، بسبب الزحف التجاري والدكاكين القبيحة التي شوهت جانبي الجسر وأخفت معالم الشط الذي يمثل الشريان الأبهر للمدينة.
ثمة اعتقاد سائد منذ القدم مؤداه: ان السمك الوفير يتوافر تحت الجسر، مما جعل الصيادين يتزاحمون وبأيديهم سناراتهم، مثلما هي طيور الأوز والعصافير وطيور السنونو المهاجرة التي تتخذ من أسفل الجسر أماكن لأعشاشها فتنام بسلام في منأى عن عيون السابلة.
ويستذكر الأدباء والفنانين نشوة الوقوف على الجسر، بوصفه محطة استراحة طالما توقف عندها الاساتذة (باسم عبد الحميد حمودي أيام كان مديراً لثانوية الدغارة والفنان د. ميمون الخالدي، والقاص كاظم حسوني وعبد الزهرة الهلالي ود. روبرت مؤلف كتاب (الشيخ والافندي).
في ابان العدوان الثلاثيني، وجلت قلوب أبناء المدينة، خشية أن يقصف الجسر، ولكن عين الله حفظته، وبقي علامة شاخصة في فضاء المدينة وذاكرة الناس التي ما برحت تردد بحب:
يا جسر الدغارة
يا زينة هالحارة
ياما بيك سهرنه
ولهل صوب اعبرنه
كظينه العمر سهاره
وما همتنه الغارة
يا جسر الدغارة
لكن الجسر، لم يسلم من شرور الاحتلال، فقد تصدعت بعض مواضعه من ثقل الآليات العسكرية وكثرتها، ولم يهرم أو يهزم فما زال يحتضن شط الدغارة ويحمل على ظهره الذاهبون إلى بغداد السلام والقادمون من النعمانية حيث مقام المتنبي هناك.
قدم طلبة المرحلة الثانية وبأشراف استاذ المادة (أ.م.د. جبار حميدي محيسن ) في درس (ازومتري) مادة المنظور عمل فني على احد جدران الكلية لتجميلها وكذلك لتشجيع الطلبة على تنمية روح التعاون والحرص واظهار مواهب وابداعات الفنية للطلبة .وقدم تقدم السيد عميد الكلية الاستاذ الدكتور( باسم الاعسم )المحترم بالامتنان الى جميع الطلبة واوعز بإصدار كتاب شكر وتقدير اليهم لما قدموا في هذا العمل الفني الخلاب الذي يزيد من جمالية الكلية الذي ينعكس بشكل ايجابي على الكلية والاقسام التابعة لها.
علاء شعلان الصالحي
م/ شعبة الاعلام
بأشراف السيد عميد كلية الفنون الجميلة (أ.د. باسم الاعسم) المحترم عقدت شعبة ضمان الجودة في الكلية ورشة عمل حول( تطبيق نظام تقييم الاداءالالكتروني ) لمنتسبي الكلية وبحضور السادة معاوني العميد للشؤون العلمية والإدارية والسادة رؤساء الأقسام العلمية ومدير شعبة الاعلام في الكلية .وقد اوضح السيد مدير شعبة ضمان الجودة (م.د.مصطفى نعيم الياسري) كيفية العمل على البرنامج من بداية استلام اليوزرنيم والباسورد من رئاسة الجامعة ولغاية أكمال عملية إدخال البيانات وذلك باستعراض خطوات ادخال البيانات على برنامج البور بيونت بشكل مفصلاً وموضحاً .وكذلك صلاحيات كل شخص يعمل ضمن المنظومة . وتم الاستفسار من قبل السادة الحضور حول بعض الامور وبدوره بين ذلك وفي ختام الورشة وجه السيد عميد الكلية بضرورة اكمال نظام التقييم الالكتروني قبل الوقت المحدد وضرورة التعاون المشترك بين كل السادة المعنيين .وايضا أوعز بايصال خدمة الانترنت الى شعبة ضمان الجودة فوراً لمباشرة البدء في نظام التقييم وستكون هناك متابعة مستمرة من قبله بهذا الخصوص
شعبة اعلام كلية الفنون الجميلىة


































